كتاب: فتاوى الرملي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَوْ وَجْهِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ لَا أَعْلَمُ جَوَابَهُمْ فِيهِ هَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ جَوَابٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَا ذَكَرَ فَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُكِ أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ: أَضْوَأَ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ فَتَطْلُقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ كَرَّرَ قَوْلَهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ وَلَوْ طَالَ فُصِلَ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ.
(سُئِلَ) عَنْ نَاظِرِ جَامِعٍ حَلَفَ عَلَى شَخْصٍ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُجَاوِرُ عِنْدَهُ وَخُبْزُهُ وَجَامِكِيَّتِهِ وَطَعَامُهُ مَقْطُوعٌ كُلٌّ مِنْهَا فَمَا الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِأَنْ يُجَاوِرَ عِنْدَهُ مَعَ قَطْعِ كُلٍّ مِنْ خُبْزِهِ وَجَامِكِيَّتِهِ وَطَعَامِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ مُطْلَقَةٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ طَلَّقَ بِالتَّشْدِيدِ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ كِنَايَةُ طَلَاقٍ فِي حَقِّ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَحَلُّ التَّطْلِيقِ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَابُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا: أَنْتُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا قَاصِدًا طَلَاقَهُمَا فَهَلْ يُطَلَّقَانِ ثَلَاثًا لِوُجُودِ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ فِي طَلَاقِ الْمُخَاطَبَةِ وَلِوُجُودِ نِيَّةِ طَلَاقِهِمَا فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبَةِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ ضَمِيرِ الْجَمْعِ مَوْقِعَ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَوُقُوعِ الْوَاوِ فِيهِ مَوْقِعَ الْمِيمِ وَالْإِخْبَارِ بِالْمُفْرَدِ عَنْ الْجَمْعِ إذْ الْخَطَأُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ أَمْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا الْمُخَاطَبَةُ فَقَطْ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهَا الْمُنَادَاةُ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ دُونَ الْمُنَادَاةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمَا تَطْلُقَانِ ثَلَاثًا لِمَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَوَامّ يُعَبِّرُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْجَمَاعَةِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَقَدْ قَالُوا: لَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُجِيبَةَ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتْ الْمُنَادَاةُ وَكَذَا الْمُجِيبَةُ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنْ يَدِينُ فِيهَا دُونَ الْمُنَادَاةِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى مِنْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَغَيَّرَتْ عَلَيْهِ هَيْئَةُ بِكْرٍ تَزَوَّجَهَا بِلُبْسِهَا مَا لَا يَلِيقُ بِهَا وَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ زَوْجَتُك فَظَنَّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا غَيْرُهَا فَقَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَفْتَى فِيهَا مُفْتٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ طَلَّقَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ حَلَفَ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ، وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا الذَّهَبَ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ جَهِلَ، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ وَوَالِدَهَا تَرَافَعَا إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ فَادَّعَى وَالِدُهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنَّ ابْنَتَهُ بَانَتْ مِنْهُ بِمُقْتَضَى الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَاعْتِقَادُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتُهُ فَحَلَّفَهُ الْحَاكِمُ يَمِينًا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَحَكَمَ بِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعْتَمَدًا إفْتَاءَ الْمُجِيبِ الثَّانِي، فَهَلْ الْعُمْدَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَلْ تَمَسُّكُ الْأَوَّلِ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ الثَّانِي صَحِيحٌ وَهَلْ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْعُمْدَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ ظَنُّ الْمُعَلِّقِ خِلَافَ الْوَاقِعِ بَلْ وَلَا اعْتِقَادُهُ كَمَا فِي سَائِرِ التَّعَالِيقِ مِنْ نَحْوِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ غَيْرَ غُرَابٍ فَبَانَ غُرَابًا حَيْثُ صَرَّحُوا فِيهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ يَرْجِعُ إلَى كَوْنِهِ سَبَبًا يُوضَعُ الْمُعَلَّقُ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ فَصَارَ الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي السَّبَبِ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِزِنَا فُلَانٍ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي، وَكَانَ فُلَانٌ زَنَى يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْبِرَ الْحَالِفَ سِرًّا وَبِأَنَّ الْحَلِفَ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ فِيهَا يُوجِبُ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِكَوْنِهِ فِيهَا أَوْ النِّسْيَانِ لَهُ وَبِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالطَّلَاقِ أَيْ بِغَيْرِ صِيغَةِ تَعْلِيقٍ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتَقَدَ لِجَهْلٍ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَهُ.
ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ مِنْهَا أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ يُقْصَدَ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالتَّعْلِيقِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ فَيَحْنَثُ حِينَئِذٍ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا قَالَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْتُ كَذَا فَشَهِدَ عَدَلَانِ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: زَنَيْت أَوْ سَرَقْت أَوْ خَرَجْت فَأَنْكَرَ فَقَالَ: إنْ زَنَيْت أَوْ سَرَقْت أَوْ خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوُجُودِ صِفَتِهِ مَعَ اعْتِقَادِ الْحَالِ خِلَافَهُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إنْ كَانَ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الرَّافِضِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، وَأَمَّا لَوْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ: إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ كَافِرًا طَلُقَتْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَقَالَ هُوَ: قَدْ حَجَجْت طَلُقَتْ وَمَا لَوْ قَالَ: إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ ضَرَبَ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَمَتَهُ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِ شَخْصٍ إذَا فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لَهُ أَوْ الْمَنْعُ مِنْهَا.
وَفِعْلُ النَّاسِي أَوْ الْجَاهِلِ لَمْ تُوجَدْ بِهِ مُخَالَفَةٌ فَعُفِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُعَلِّقُ الْحَثَّ أَوْ الْمَنْعَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ مَنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ حَثٍّ وَلَا مَنْعٍ وَكَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَا يُمَيِّزُ، وَلَا يَقْدَحُ فِيمَا ذَكَرْته مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الرُّسْتَاقِ فَذَهَبَتْ إلَى الْبَلَدِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقِيلَ لَهُ: أَلَك زَوْجَةٌ فِي الْبَلَدِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ لِي زَوْجَةٌ فِي الْبَلَدِ فَهِيَ طَالِقٌ، وَكَانَتْ فِي الْبَلَدِ فَعَلَى قَوْلِي حَنِثَ النَّاسِي. اهـ.
لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ وَلِقَوْلِهِ بِالْحِنْثِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: يَحْنَثُ النَّاسِي إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْمُجِيبُ الثَّانِي مِنْ النُّقُولِ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ اعْتِمَادًا عَلَى إفْتَاءِ الثَّانِي بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا أَطَلْت الْكَلَامَ فِيهَا لَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُفْتِينَ وَافَقُوا الثَّانِيَ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لِامْرَأَةٍ: قَوْلِي لَهَا هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَهَلْ هُوَ إنْشَاءُ تَوْكِيلٍ لِلْمَرْأَةِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ التَّوْكِيلُ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِتَطْلِيقِهَا إيَّاهَا وَيُحْتَمَلُ الْإِخْبَارُ أَيْ أَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُخْبِرَةٌ لَهَا بِالْحَالِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ فَإِنْ صَرَّحَ بِقَصْدِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عَمِلَ بِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْتَ غَضْبَانَةً مِنِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَصَلَ لَهَا غَضَبٌ مِنْهُ وَمِنْ وَلَدِهَا فَخَرَجَتْ غَضْبَانَةً مِنْهُمَا فَهَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنِّي فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِكَوْنِهَا غَضْبَانَةً وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ مُعْتَبَرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْتِ غَضْبَانَةً مِنِّي لَا مِنْ غَيْرِي أَوْ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْتِ غَضْبَانَةً مِنْ أَجْلِي لَا مِنْ أَجْلِ غَيْرِي.
(سُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِي قَوْلِهِ: إنْ خَرَجْتِ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْت لِأَجْلِ غَيْرِ الْحَمَّامِ وَلَمْ تَخْرُجْ لِغَيْرِهِ فَقَطْ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ لِفُلَانٍ طَعَامًا فَأَهْدَى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَهُ طَعَامًا أَوْ أَضَافَهُ بِهِ فَأَكَلَهُ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُهُ عِنْدَ وَضْعِهِ فِي فَمِهِ أَوْ عِنْدَ الِازْدِرَادِ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ الْمَذْكُورِ لِمِلْكِهِ إيَّاهُ قَبْلَ ابْتِلَاعِهِ فَأَكَلَ طَعَامَهُ لَا طَعَامَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَيْمَانَ تُبْنَى عَلَى الْأَلْفَاظِ دُونَ الْقُصُودِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ هَلْ تَقْدِيرُهُ دُخُولًا ثَلَاثًا لِقُرْبِهِ أَوْ طَلَاقًا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ أَوْ هُوَ عَائِدٌ إلَيْهِمَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ تَقْدِيرَهُ دُخُولًا ثَلَاثًا فَتَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا أَقْرَبُ إلَى دَخَلْت مِنْ طَالِقٌ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ لِلْفِعْلِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى طَلْقَةٍ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِهِ فَيُسْتَصْحَبُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فِيهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ أَتَى بِالْمَشِيئَةِ وَشَكَّ هَلْ وَقَعَتْ فِي كُلِّ الصِّيَغِ أَوْ فِي بَعْضِهَا وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهُ هَلْ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ بَعْضُهُ أَوْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مُقْتَضَى إتْيَانِهِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَحَقَّقْنَا بِإِتْيَانِهِ بِالْمَشِيئَةِ الْمُعْتَبَرَةِ رَفْعَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَشَكَّكْنَا فِي رَفْعِ غَيْرِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا لَا تَقُومُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَتَأَخَّرَتْ خَمْسَ دَرَجٍ، ثُمَّ قَامَتْ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَقْتِ الْمُشَارِ إلَيْهِ عِنْدَ حَلِفِهِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا وَمَاتَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا هَلْ يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ إلَّا إنْ أَرَادَ الْحَالِفُ ذَلِكَ فَلَا يَقَعُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحَالِفُ شَيْئًا عَمِلَ بِإِرَادَتِهِ وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي كُلِّ بَابٍ مَا ذُكِرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِالِابْتِلَاعِ فِي الْأَيْمَانِ دُونَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْأَيْمَانِ الْعُرْفُ وَأَهْلُهُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْأَكْلِ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا.